قصة الشيخ زيدان | حكايات للكبار قبل النوم نقل (تم)

في قديمِ الزمان، وقبلَ مئاتِ السنين.. في بلادٍ واسعةٍ وكبيرةٍ تحوي العديدَ من المُدنِ، والقُرى الصغيرةِ والمُتفرِّقةِ منها التي تُجاوِرُ السواحلَ، وأخرى بين الجبالِ، وبعضُها بين الوديانِ والأنهارِ الجاريةِ.. وكانت في هذه البلادِ بساتينُ خضراءُ وأشجارٌ مُثمِرةٌ من كُلِّ أنواعِ الخَضرواتِ والفواكهِ، ولم يكُن ذلك من الغريبِ عليها؛ فإنَّ الأرضَ كانت طيِّبةَ المنبتِ والترابِ النظيفِ، وهي تُسقى من مياهِ الأمطارِ التي تهطلُ بغزارةٍ من الغُيومِ والسحابِ الذي يمرُّ فوقَ هذه البلادِ، وكانت الأمطارُ مياهاً عذبةً.

حكايات للكبار قبل النوم

وفي فصلِ الصيفِ وفي حالةِ توقُّفِ الأمطارِ، كان الناسُ في هذه البلادِ الكبيرةِ يقومون بتعبئةِ المياهِ من الآبارِ الأرضيَّةِ، ومياهِ البحارِ والأنهارِ والينابيعِ الجاريةِ، وينقلونها نحو تلك البساتينِ والأشجارِ ويسقونها، وتكفيها طوالَ تلك الأيامِ المُشمسةِ والمُنقطعةِ عن الأمطارِ. وكانت النتيجةُ بجدِّهم وتميُّزِهم أن بقيت هذه البلادُ تترقَّبُ فصولَ الحصادِ الكبيرِ، وكلُّهم كأنَّهم يأكلون من أرضٍ واحدةٍ، ولذلك عمَّت البركةُ والخيرُ عليهم، وأصبحت الخَضرواتُ والفاكهةُ والثمارُ الطيِّبةُ تملأُ أسواقَهم، وبأسعارٍ رخيصةٍ للغايةِ.

وكان من الواضحِ لكُلِّ العُقَلاءِ في تِلك السنينِ الماضيةِ، أنَّ الناسَ في تلك البلادِ عليهم أن يشكروا تِلك النِّعمَ العظيمةَ والكثيرةَ التي لا تُعَدُّ ولا تُحصى.. ولذلك اجتمعَ العقلاءُ منهم والكِبارُ من أصحابِ الرأيِ والحكمةِ، وأوصى بعضُهم بعضاً أن يسعى كلُّ واحدٍ منهم على أن يُعلِّمَ مَن يرعاهم بأن يحفظوا النِّعمةَ هذه بِشُكرها، وسؤالِ اللهِ -سبحانه وتعالى- أن يُعينَهم عليها؛ لأنه لا طريقَ لهم إلا بشكرها، والقيامِ بالإكثارِ من أفعالِ الخير والمعروفِ، وإدامةِ الوحدةِ بينهم مهما اختلفت أجناسُهم وعائلاتُهم.. لأنَّهم في النهايةِ من أبٍ واحدٍ، وعليهم عِمارةُ الأرضِ.

وبعد أن انقضت تلك السنون، لا عجبَ في أن يتغيَّرَ حالُ أهلِ تلك البلادِ، وفي العديدِ من القُرى فيها، وخاصَّةً في (قريةِ الشَّيخِ)، وهذه القريةُ الصغيرةُ تقعُ بجوارِ العديدِ من البساتينِ، والتي تتفجَّرُ حولَها الينابيعُ الكثيرةُ، وتعمُّها الخيراتُ والبركاتُ.. ولم يبقَ الحالُ على ما كان، وهذا بِلا شكٍّ بسببٍ واحدٍ وإن اختلفت أحداثُه!

في يومٍ من الأيامِ في هذه القريةِ، كان هُناكَ شابٌّ اسمُه (عليٌّ) يمشي فيها، وهو في الطريقِ يقفُ كُلَّ حينٍ ويستمعُ لبعضٍ من أحاديثِ الناسِ.. ولكنَّ هناك شيئاً ما لفتَ انتباهَه على غيرِ العادةِ، حيثُ أنه لمَّا اقتربَ من عندِ دكَّانِ خيَّاطِ الثيابِ، وقفَ يتأمَّلُ في القُمصانِ والجلابيبِ المعروضةِ أمامَ الناسِ، بجمالِها وروعةِ تفصيلِها، وبعدها بقليلٍ.. مرَّ هناك رجلٌ بجوارِه، فألقى التحيَّةَ على صاحبِ الدُّكانِ، وبعدها استمعَ عليٌّ إلى الحديثِ الذي جرى بينهما أمامَ عينيه، حيثُ قال صاحبُ الدكانِ: أهلاً وسهلاً بك يا صديقي، كيف أنت؟

فردَّ عليه ذلك الرجل، وهو بائسٌ وحزينٌ: إنَّنِي في أسوءِ حالٍ!

فقال صاحبُ الدكانِ: لَه.. لماذا..؟! إنَّ رجلاً في مثلِك وفي هذه الأيامِ يجبُ عليه أن يفرحَ كثيراً!

فقال له الرجلُ: ولِماذا.. لعلَّك تقصِدُ زواجَ ابنتي؟

فأجابه صاحبُ الدكانِ: بالطَّبعِ، مباركٌ عليكَ ولِتهنأَ بذلك يا صاحبي!

حينها بكى الرجلُ وسالت الدموعُ على خدَّيه، فتعجَّب عليٌّ وهو يقفُ ويسمعُ الحِوارَ بينهما، ثم بعدها تكلَّم الرجلُ وقال: لقد منعَ شيخُ القريةِ (زيدان) زواجَ ابنتي من خطيبِها، ولمَّا أردتُ أن أستفهمَ منه عن سببِ ذلك وذهبتُ إليهِ، أخبرَني بأنَّ هذا هو من عاداتِ القريةِ، وأنَّ ابنتي وخطيبَها غيرُ مُلائِمَين ومُتوافِقَين مع بعضِهما.. ثم هدَّدني بأنني إن أصررتُ على هذا الزَّواجِ، فستموتُ ابنتي خلالَ أيامٍ قليلةٍ؛ لأنَّها خالفت هذه العاداتِ والتقاليدَ.

وبعدها، جلسَ صاحبُ الدُّكانِ يُواسي في هذا الرجلِ.

ثم تركَهما عليٌّ، وأكمل طريقَه وقد تأثَّرَ بما سمِعَه، وبينما هو يسيرُ في الطَّريقِ، حتَّى اقتربَ من أحدِ البيوتِ المُطلَّةِ على الطريقِ.. وبينما هو يمشي إذ سقطَت عليه ورقةٌ، فتوقَّف ونظرَ على الفورِ إلى الأعلى، فعرِفَ أنَّ هناك شخصاً ما قد ألقاها من نافذةِ هذا البيتِ.

فأخذَ عليٌّ هذه الورقةَ، وفي ذاتِ الوقتِ رأى هناك أُناساً رجالاً ونساءً يمشون في الطريقِ، فأخفى الورقةَ في ثيابِه، وأكمل طريقَه حتى عادَ إلى بيتِه.

فأغلقَ بابَ البيتِ ودخل إلى غرفتِه، ثم أخذ الورقةَ وفتحها، وقرأ ما فيها وهو الآتي: "إنَّي قد رأيتُك عِدَّةَ مرَّاتٍ تسيرُ من طريقِ منزلي، وقد أثارَ فُضولي لِأعرفَ من أنتَ، وما رأيُك بالذي يجري في هذه القريةِ.. فإنَّ هناك الكثيرَ من الناسِ الذين وقعَ عليهم ظلمٌ من الشيخِ زيدان، وقد فرَّق بين الكثيرِ من الشبابِ والفتياتِ الذين يحلمون بالزواجِ من بعضِهم، وليس ذلك لسببٍ إلَّا لأنهم قد خالفوا عاداتِ القريةِ وتقاليدَها حسبما يرى هذا الشيخُ.. وأرجوكَ أن تحميَ نفسَك؛ فإنِّي خائفةٌ عليك!".

فلمَّا انتهى عليٌّ من قراءةِ هذه الورقةِ، كان يتساءلُ عن الكثيرِ من الأمورِ التي جاءت في الورقةِ، وهي: "مَن هذا الشخصُ الذي ألقى الرسالةَ"؟.. لا شكَّ بأنَّها امرأةٌ؛ فإنَّها قد قالت بأنَّها خائفةٌ عليَّ.. ثم لماذا أوصتني بأن أحرصَ على سلامتي؟ هل هناك من يمكرُ لي، ويريدُ أن يُوقِعَ شرَّاً بي؟!

وما هي هذه العاداتُ والتقاليدُ التي بسببِها يرفضُ شيخُ القريةِ زيدان، أن يُزوِّجَ شبابَ القريةِ من فتياتِها؟!

نهضَ عليٌّ من فراشِه، وذهبَ إلى نافورةِ المياهِ في ساحةِ بيتِهم، فغرفَ بيدِه ماءً وغسَّلَ به وجهَه؛ لعلَّه يكونُ واعياً ومُدرِكاً لِما يجري حولَه، فلا بُدَّ وأنَّ هناك أسراراً فيما تحدَّثت عنه المرأةُ.

ثم أخذ عليٌّ ثيابَه؛ لِيقيَ نفسَه من البردِ الذي يشتدُّ في ساعاتِ المساءِ قليلاً، وخرج من البيتِ وظلَّ يمشي حتى وصلَ إلى بيتٍ كبيرٍ، وهو الذي يسكنُ بهِ شيخُ القريةِ زيدان.

ويُحِيطُ به خمسةُ جنودٍ أقوياءُ، وكان الظلامُ قد أوشكَ على أن يعُمَّ القريةَ بأكملِها.. فكان عليٌّ يتأمَّلُ في وجوهِ أولئكَ الجنودِ، ويحاولُ أن يُدقِّقَ في تفاصيلِها.. وقد كان يتميَّزُ منذُ صغرِه بهذه الصفةِ في حفظِ أدنى التفاصيلِ. وبعدها أظهرَ نفسَه كأنه يمشي نحو حاجةٍ له، ثم تركَهم وعاد إلى البيتِ ونام في فراشِه، وقد كانت خواطرُه تأتيه بأفكارٍ كثيرةٍ، حتى اهتدى إلى شيءٍ ما جعله ينامُ على الفورِ؛ حتى يتمكَّنَ من الاستيقاظِ في الغدِ.

وحينما حانَ وقتُ الصباحِ، استيقظ عليٌ من فراشِه، وأخذ بعضاً من الأجبانِ فأكلَها مع الخبزِ في طعامِ فَطورِه، ثم خرجَ من البيتِ، ومشى والنَّاسُ من حولِه كلٌّ يسعى في قضاءِ حاجاتِه الخاصَّةِ، وأمَّا هو فلم يذهب إلى السُّوقِ، بل أكمل طريقَه حتى اقتربَ من بيتِ شيخِ القريةِ، فلمَّا وصلَ صار يمشي حول البيتِ، وهو ينظرُ في وجوهِ الجنودِ الخمسةِ الذين يحرسون البيتَ، فأحسَّ بأمرٍ ما؛ وهو أنَّهم ليسوا من كانوا يحرسون في الليلِ.. حينها عرَفَ أنَّ شيخَ القريةِ لديه عشرةٌ من الجنودِ، خمسةٌ يحرسون البيتَ في الليلِ، والخمسةُ الآخرين يقومون بحراستِه في النَّهارِ!

فأرادَ أن يمشيَ نحو السوقِ، وفجأةً فُتِحَ بابُ البيتِ الكبيرِ، فخرجَ الشيخُ زيدان منه وهو يحملُ عصاه، فقامَ بقفلِ البابِ بمفتاحٍ ثم أخذه معه، وأوصى الجنودَ بأن يُواصلوا حِراسةَ البيتِ.

فتخفَّى عليٌّ خلفَ أحدِ جُدرانِ البيوتِ القريبةِ، وهو يرى شيخَ القريةِ يمشي، فلمَّا عرفَ أنَّ وِجهتَه هي السوقُ، رجع عليٌّ إلى مشوارِه، حتى إذا رآه من بعيدٍ كان النَّاسُ في القريةِ ينحنون تعظيماً لهذا الشيخِ، ويشعرون بالهيبةِ منه.

وأمَّا عن عليٍّ، فإنه قال في نفسِه: لا فائدةَ حتى اللحظةِ من البقاءِ في مُراقبةِ الشيخِ، ويجبُ عليَّ أن أعود؛ لِأعرفَ مَن تلك المرأةُ صاحبةُ الورقةِ التي ألقتها عليَّ!

فمشى عليٌّ من ذلك الطريقِ، حتى وصلَ إلى البيتِ وهو ينظرُ فيمن حولَه، حتى إذا تأكَّد من خُلوِّ الطريقِ من المارَّة من الناسِ، رفع بصرَه ونظرَ إلى نافذةِ البيتِ، وصار يُصدِرُ صوتاً لعلَّه يُنبِّه تلك المرأةَ، ولكن دونَ فائدةٍ.. فرجع عليٌّ إلى بيتِه، وجلسَ يُفكِّرُ ويكتبُ في إحدى الأوراقِ ما جرى معه خلالَ هذه الأيَّامِ، ثم قال في نفسِه: لماذا لا أذهبُ في الغدِ وأطرقُ بيتَ تلك المرأةِ؟ فربَّما أفهمُ ماذا تقصدُه عن الرسالةِ!

وبعدها، ضربَ عليٌّ جبينَه بيدِه وقال: إنني أحمقٌ.. كيف نسيتُ هذا الأمرَ؟! لو أنني طرقتُ البابَ أمام الناسِ، فإنني بذلك أقومُ بإفسادِ ما تُفكِّرُ به تلك المرأةُ.. ولو لم يكُن ذلك حقَّاً، لكانت قد عرَّفتني بنفسِها!

من الواضحِ أنها تُخفي أمراً، وتخافُ من أحدٍ من النَّاسِ يترقَّبُ ظُهورَها لكي يُؤذِيَها، فمَن هو.. أيكونُ شيخُ القريةِ زيدان؟!

ولمَّا كان اليومُ التالي، خرجَ عليٌّ من بيتِه مُتوجِّهاً إلى سوقِ القريةِ، وقد اطَّلع على أحوالِ الناسِ بها، وبقي على هذه الحالِ يعملُ في عملٍ يكسبُ منه رزقاً، حيثُ أنه يقومُ بحملِ الأغراضِ الثقيلةِ وتوصيلِها للناسِ إلى بيوتِهم.. واستمرَّ هكذا حتى حانَ وقتُ الليلِ وأظلمَت القريةُ، فرأى عليٌّ أنَّ هذا هو الوقتُ المناسبُ، فمشى في طريقِه نحو بيتِ تلكَ المرأةِ، ولمَّا وصلَ إلى هناك، صار ينظرُ فيمن حولَه، وكان المكانُ خالياً من الناسِ.

وبعدها، بينما كان عليٌّ ينظرُ إلى البيتِ وإلى النافذةِ، وإذا برجلٍ مُلثَّمٍ جاء من ورائِه، فضربَه بخنجرٍ في ظهرِه على حينِ غفلتِه، ولاذَ بالفِرارِ من المكانِ بأقصى سرعةٍ، فبقِيَ عليٌّ على الأرضِ مُلقًى وينزفُ بالدماءِ من حولِه، وكانت السماءُ تتلبَّدُ بالغيومِ في ذلك الحينِ، وبدأت الرياحُ تشتدُّ وتمطرُ، وكان عليٌّ يحاولُ أن يصرخَ على الناسِ ويستنجدَ بهم، ولكن دونَ أيِّ فائدةٍ.. وفي ساعاتِ الفجرِ الأولى، استيقظت المرأةُ التي تسكنُ في البيتِ، واسمُها (نورة)، وسمِعت أصواتَ الرياحِ الشديدةَ والطقسِ العاصفِ.

فقامت تفتحُ النافذةَ قليلاً لِترى حالةَ الأجواءِ، وإذا بها ترى شخصاً مُلقًى على الأرضِ والدمُ ينزفُ حولَه، فنظرت إليهِ وأفزعَها ذلك المشهدُ، فحاولت أن تتعرَّفَ عليه، ولكنَّها قررت أن تذهبَ إليهِ من بابِ البيتِ، فراحَت على الفورِ وفتحت البابَ واقتربت منه، فإذا بها تنصدِمُ حينما عرفت أنَّه عليٌّ؛ وهو الشابُّ الذي كانت قد ألقَت إليهِ الورقةَ قبل أيامٍ.. فنظرت حولَها في الطريقِ فلم تجد أحداً، فأمسكت بيدِه وجرَّته نحو البيتِ، ثم أخذت بوعاءٍ فيه ترابٌ، ثم ألقته نحو الدماءِ التي تركها عليٌّ؛ حتى لا يراه أحدٌ من الناسِ.

وبعدها أغلقت البابَ، وأدخلت عليَّاً إلى البيتِ، وصارت تُشرِفُ على علاجِه ورعايتِه أيَّاماً، حتى منَّ اللهُ عليه بالشفاءِ بعد عشرةِ أيَّامٍ، واستيقظَ من غيبوبتِه فنظرَ فيمن حولَه، وراحَ يُنادِي: أين أنا؟ ما الذي جاء بي إلى هُنا..؟! إنَّه ليس بيتي.. منذُ متى وأنا نائمٌ هنا؟!

فسمِعته نورةُ، وقد كانت في المطبخِ تقومُ بطهيِ مرقٍ ولحمٍ له، فتركت الطعامَ وذهبت لهُ على الفورِ إلى غرفتِه، فلمَّا دخلت عليه ورآها، بقي الاثنان ينظران في بعضِهما للحظاتٍ، ثم قالت نورةُ له: اسمي نورة، وأنا مَن ألقى إليك الورقةَ! فصارَ قلبُ عليٍّ ينبضُ بسرعةٍ، وشعرَ بعطفِها عليهِ، ثم سألَته: ما الذي جرى معكَ يا عليٌّ؟

فقال لها: كيف عرَفتي أنَّ اسمي هو عليٌّ؟

فقالت نورةُ: لا تقلق.. إنَّ من طبعِي هو أنني إذا كنتُ مُهتمَّةً بشخصٍ ما، فإنني أحاولُ أن أعرفَ قدرَ ما يمكنُ عن تفاصيلِ حياتِه.

ولكنَّ المهمَّ الآنَ.. قُل لي ما الذي جرى لكَ؟!

فقال عليٌّ: إنَّ آخرَ لحظةٍ أذكرُها، هو أنني كنتُ في الطريقِ أمامَ بيتِك، وكنت أنتظرُ ظُهورَك إليَّ من النافذةِ لأسألكِ عن عدَّةِ أمورٍ وأشياءَ في خاطري.. وبينما كنتُ واقفاً على هذه الحالِ، وإذا بي أشعرُ كأنَّ سِكِّيناً قد غُرِست في كَتِفِي ومزَّقته، فسقطتُ على الأرضِ ولم أدرِ ماذا جرى بعد ذلك!

فقالت نورة: أوه.. لقد نسيتُ المرقَ واللحمَ على النارِ! أمهلني لحظاتٍ قليلةً وسأعودُ إليكَ.

فذهبت نورةُ على الفورِ إلى المطبخِ، وأطفأت النارَ على مرقةِ اللحمِ، ثم سكبتها في إناءٍ وجاءت بها إلى غرفةِ عليٍّ، ووضعته بجوارِ الطاولةِ عند سريرِه الذي ينامُ عليه، فبدأت في إطعامِه، ثم أخبرته بما جرى لهُ بعد ذلك، من أنَّها رأته مُلقًى على الأرضِ وينزفُ من جراحِه. وبعدها أخذته وأدخلته، وبقيَ في نومٍ طويلٍ استمرَّ عشرةَ أيامٍ!

حينها، نظرَ عليٌّ إلى نورةَ وقال لها: وبقيتِ أنتِ طيلةَ هذه الأيامِ تقومين على راحتي؟!

فابتسمت في وجهِه ثم أخفَت نظراتِها عنه، فعلمَ عليٌّ في ذلك الوقتِ أنَّ نورةَ تُحِبُّه، وقد خاطرت بحياتِها لِتُنقِذَه ولم تتركه مُلقًى في الطريقِ!

وبعدها بقليلٍ.. أراد عليٌّ أن يستعينَ بِنورةَ للخروجِ إلى ساحةِ البيتِ ويجلسا هناك؛ فقد ملَّ من الجلوسِ على السريرِ، فأمسكت بهِ واستندَ عليها، ثم مشى معها حتى جلسا في ساحةِ البيتِ على كُرسيِّيَن، وراحَ كلُّ واحدٍ منهم يتحدَّثُ. وبعدها بقليلٍ، لمَّا عرَفَ عليٌّ وتأكَّدَ من حُبِّ نورةَ له، قال لها: اسمعي يا نورةُ، إنَّ أيَّ رجلٍ لو كان مكاني وحدثَ معه ما حدث، ورأى ذلك العطفَ وهذا الاهتمامَ منكِ.. لمَا كان يتصرَّفُ إلا أنَّه سيُحِبُّك بلا شكٍّ.. وها أنا أقولُها لكِ بلا تردُّدٍ أو خوفٍ: أنا أحبُّكِ يا نورةُ، وأرغبُ في أن نُصبِحَ زوجين، ونعيشَ معاً بقيَّةَ أيامِ حياتِنا وعُمرِنا.. فما رأيُكِ؟!

فلم تستطع نورةُ أن تنظرَ في وجهِه خجلاً منه، وما كان منها إلا أن أبدَت له سُكوتَها، فعرفَ أنَّها موافقةٌ؛ ولولا ذلك لرفضت.

ثم قالت: ولكن.. إنني أتمنَّى الزواجَ منك يا عليٌّ؛ فأنت شابٌّ طيِّبٌ ومجتهدٌ، وذو أخلاقٍ فاضلةٍ.. ولكن هُناك مشكلةٌ وعَقبةٌ تقفُ في طريقِنا!

فقال لها عليٌّ مُستفهِماً: وما هي يا نورة؟

فقالت: أنت تعلمُ أنَّ شيخَ القريةِ زيدان لا يُوافِقُ على إجراءِ عُقودِ الزواجِ في هذه الأيامِ، لأنه يُخالِفُ عاداتِ القريةِ وتقاليدَها..

فنكَّس عليٌّ رأسَه وهو يقولُ: يا إلَهي.. وما العملُ؟!

اقترحت عليه نورةُ أن يقوما بالهربِ من القريةِ، والزواجِ في بلادٍ بعيدةٍ من هنا، وأخذت تُقنِعُ في عليٍّ، لكنَّه كان يقابلُ رأيَها واقتراحَها بالرفضِ في كلِّ مرَّةٍ. وبعدها، شعرَت باليأسِ منه، فقالت له: إذن ماذا ترى أنتَ يا عليٌّ؟

فقال لها: لن نكونَ أنانيِّين يا نورةُ.. وأنتِ وأنا قادِران على أن نهربَ من القريةِ ونتزوَّجَ، ولكننا بذلك نفقِدُ رسالتَنا في الحياةِ..! ولكن ماذا عن شبابِ القريةِ وفتياتِها الذين يُحِبُّون بعضَهم ويرغبونَ في الزواجِ؟ لماذا نهربُ من القريةِ ونتركُهم لذلك الشيخِ الظالمِ، الذي يتخذُّ من العاداتِ والتقاليدِ حُجَّةً ضعيفةً لرفضِ زواجِهم؟!

فقالت له نورة: آه.. حقَّاً الآنَ فهِمتُ ما الذي كانت تقصدُه أمِّي رحمَها الله!

فقال لها عليٌّ: أمُّكِ! ما الذي كانت تقولُه يا نورةُ؟

فردَّت عليه: إنها كانت تقولُ لي وهي تشتكي لها قبل موتِها، من أنَّ هذه الظُّلمَ الواقعَ على أهلِ القريةِ من الشيخ زيدان، ليس له حلٌّ إلا في ذلك البيتِ الكبيرِ الذي يسكنُه؛ فإنَّ به أسراراً خطيرةً عنه، وكفيلةً بالإيقاعِ به في شرِّ أعمالِه!

فقال لها عليٌّ: مهلاً يا نورة، أرجوكِ تمهَّلي.. تقولين أنَّ أُمَّكِ قالت ذلك؟ وما الذي أدراها بما في بيتِ شيخِ القرية؟! ثم إنها -كما تقولين- قد ماتت؛ فأنت يا نورةُ فتاةٌ صغيرةٌ.. فما هو سببُ موتِ أمِّك؟

فشعرَت نورةُ بالضِّيقِ من ذلك الحديثِ الذي فتحَ عليها هُمومَها، ثم قالت له: هذه قِصَّةٌ طويلةٌ حدثت معي قبل عشرِ سنواتٍ، حيثُ كانت أمِّي مريضةً، وحاولت أن آتي لها بالأطبَّاءِ ولكن دونَ أيَّةِ فائدةٍ.. وفي تلك الأيامِ، جاءَ إلينا رجلٌ يسوقُ عربةً ويجرُّها حصانٌ، فطرقَ على بابِ بيتِنا، ثم قال لنا إنَّ شيخَ القريةِ زيدان قد علِم بما حصلَ من مرضِ أمِّي، وقرَّر الشيخُ أن تذهبَ أمي في العربةِ إلى بلدٍ مُجاورٍ؛ لِتأخذَ العِلاجَ هناك.

وبالفعلِ ذهبت أمي، وقد شكرتُ أنا شيخَ القريةِ، وأحسَّت أمي بأنه قد تغيَّرَ.. ولكن أثناءَ ذَهابِ أمِّي، أردتُ أن أرافقَها فلم يسمح لي صاحبُ العربةِ، وأخبرني بأنَّ الطريقَ طويلٌ، ووجودَها في البيتِ أفضلُ.

فبقيتُ في البيتِ، وبعد أسبوعٍ جاء أحدُ جنودِ الشيخِ، وأخبرني بأنَّ أمي قد تُوفِّيت أثناءَ سفرِها للعلاجِ، وتمَّ دفنُها في مكانٍ بعيدٍ.. لأنها كانت مريضةً بمرضٍ مُعدٍ!

فحزنتُ عليها، ولكنَّني بعد تِلك الفترةِ وخلالَ هذه الأشهرِ الأخيرةِ، بدأَت الشكوكُ تُراوِدُني في نفسِي من سُلوكِ الشيخِ زيدان، وأفعالِه الشرِّيرةِ مع النَّاسِ الضُّعفاءِ، الذين سمِعتُهم يتحدَّثون عن أشياءَ غريبةٍ حصلَت لهم بسببِه، فصِرتُ أربطُ بين الماضي والحاضرِ، وتكوَّنت لديَّ مخاوفُ من أنَّ ما حدثَ من خروجِ أمي لرحلةِ العلاجِ كان حِيلةً من الشيخِ، للتخلُّصِ من أمي..

فما رأيُكَ أنتَ يا عليٌّ؟

فقال لها: تعرفينَ يا نورةُ.. وأنا كذلك أشكُّ في هذا الأمرِ؛ حيثُ أنك قد قُلتِ لي بأنَّ أمَّكِ قد كانت تتحدَّثُ عن الشيخِ وما يُخبِّؤه في بيتِه.. من الواضحِ -بالنسبةِ لي- أنَّ الشيخَ قد علِمَ بما تتحدَّثُ به أمُّكِ، وبناءً على ذلكَ قرَّر الانتقامَ منها!

ثم نهضَ عليٌّ، وقال لها: إنني أشعرُ بصحَّةٍ جيِّدةٍ، وأستعدُّ للخروجِ إلى مهمَّتي؛ فلديَّ الكثيرُ من الأعمالِ التي يجبُ عليَّ القيامُ بها.

فقالت له نورة: احمِ نفسَك جيِّداً.

فابتسم لها: نعم سأفعلُ من أجلِكِ، ومن أجلِ الناسِ الآخرين.

فلمَّا كان وقتُ الليلِ، لبِسَ عليٌّ ثياباً وعِمامةً سوداءَ، ثم خرجَ بها إلى القريةِ وهي خاويةٌ من النَّاسِ.. وبينما هو يمشي ويقتربُ، حتى وصل بالقُربِ من إسطبلٍ للخيولِ التي يملكُها الشيخُ زيدان.

فأكملَ عليٌّ خَطواتِه، ولكنَّه سمِعَ صوتاً للخيلِ كأنَّه يستشعرُ وجودَ أمرٍ ما غريبٍ، فأراد أن يتبيَّنَ الأمرَ، فنظر من ثغرةٍ لِيرى ما بداخلِ الإسطبلِ، وإذا به يرى الشيخَ زيدان يخرجُ من فتحةِ نَفَقٍ سريٍّ، ويتأكَّدُ من إعادةِ الأرضِ إلى ما كانت عليه؛ حتى لا يتنبَّهَ أحدٌ بوجودِ هذه الفتحةِ.

فلمَّا رآه عليٌّ ظلَّ مُتخفِّياً، حتى خرجَ الشيخُ زيدان من الإسطبلِ وصار يمشي، وقد تخفَّى بثيابِه ولم يعرفه أحدٌ، وسار في مشوارِه إلى أن اقتربَ من بيتٍ مهجورٍ له بابٌ صغيرٌ.

فوقفَ الشيخُ ونظرَ فيمَن حولَه، فتأكَّد من خُلوِّ الناسِ في المكانِ، وبعدها أخذَ بالمِفتاحِ ووضعَه في القُفلِ، ثم فتح البابَ ودخل وأغلقَه مرَّةً أخرى.

فجاء عليٌّ وقد كان مُختبِئاً ولم يرَه أحدٌ، فذهبَ إلى جدرانِ البيتِ، وصار يبحثُ عن أيِّ جدارٍ يكونُ صوتُ الذي يجري بداخلِه أعلى.. وفجأةً، وقفَ ووضعَ أُذنَه عند جدارِ البيتِ الخلفيِّ، وإذا به يسمعُ صوتَ أُناسٍ ورائحةَ بخُّورٍ وكلامٍ غيرِ مفهومٍ، ثم سمِعَ عليٌّ طلاسمَ فعرِفَ أنَّ في البيتِ سحرةً، ثم بعدها ظهرَ صوتٌ للشيخِ زيدان يضحكُ مع رفاقِه في البيتِ، ويخبرُهم ما الذي قد فعلَه بأهلِ القريةِ، من تضييقٍ عليهم بالعيشِ تحتَ وهمِ العاداتِ والتقاليدِ، وكيف أنه قد قتلَ منهم العديدَ من الناسِ، وكيف أنه قد قتل شيخَ القريةِ السابقِ ولم يدرِ أحدٌ بذلك!

وكان لهذا الكلامِ مفاجأتُه في نفسِ عليٍّ، فقرَّر أن يبقى قليلاً، وإذا به يسمعُ بعد قليلٍ البابَ يُفتَحُ، فاختبأ ثم نظرَ، فإذا به يرى رجلاً قد أقفلَ بابَ البيتِ ومشى، فتبِعَه عليٌّ، وإذا به يرى حجراً كبيراً مُلقًى على الأرضِ، فتناولَه بيدِه، ثم اقترب بِخَطواتٍ قليلةٍ من ذلك الرجلِ، فضربه بالحجرِ على رأسِه، فسقطَ على الأرضِ مَغشيِّاً عليه.

وبعدها بقليلٍ، قام عليٌّ بتفتيشِ ثيابِه، فوجد بها قُفلَين، ولكُلِّ واحدٍ منهما مِفتاحٌ، فأخذهما على الفورِ، وقام بوضعِ القُفلَينِ مع بعضِهما على بابِ البيتِ وأغلقَه بإحكامٍ، ثم أخذَ معه ذلك الرجلَ، وانتظره حتى فاقَ بعد فترةٍ من نومِه، فسأله عليٌّ عمَّا يجري، وماذا يفعلُ شيخُ القريةِ زيدان عندَهم في البيتِ، فأراد ذلك الرجلُ أن يُنكِرَ، فهدَّده عليٌّ وأخبرَه بأنَّه لا مُشكلةَ عنده من أن يذهبَ به لأهلِ القريةِ، ويتلقَّى منهم عقاباً عسيراً على أفعالِه مع الشيخِ الظالمِ!

فخافَ ذلك الرجلُ، وأخبرَ عليَّاً بأنَّ الشيخَ زيدان هو قائدُ عصابةٍ تتعاملُ بالسِّحرِ ومع الجنِّ، وهو يفعلُ لهم ما يطلبونه منه، وفي المقابلِ يساعدُه في الوصولِ لمكانةِ شيخِ القريةِ..

وبدأ هذا الرجلُ يعترفُ بجرائمَ ارتكبها زيدان ضِدَّ أهلِ القريةِ، وأخبرَه بأنَّه قد كان مُتزوِّجاً من امرأةٍ، وهي الآنَ مسجونةٌ في غرفةٍ منذ ما يزيدُ عن عشرِ سنواتٍ.

فذهبَ عليٌّ معه حتى أدخلَه الرجلُ إلى إسطبلِ الخيولِ، فقال لعليٍّ: إنَّ هنا نفقاً سرِّياً، ويمكنُ أن ندخلَه ونصلَ من خلالِه إلى تلك الغرفةِ، وبها زوجةُ الشيخِ زيدان، فأمرَه عليٌّ بأن يدخلَ في النفقِ أمامَه، ففعلَ الرجلُ، وظلَّ الاثنان يمشيان حتى وصلَا إلى بابٍ ففتحَاه، وإذا بهما يدخلا في غرفةٍ ووجدا بها امرأةً مُقيَّدةً بالسلاسلِ، فقاموا بفكِّها منها، وأخبرَ عليٌّ الرجلَ بأنَّه إن أردتَ النَّجاةَ من عقابِ أهلِ القريةِ، فعليكَ بالبقاءِ معي حتى أتمكَّنَ من القبضِ على الشيخِ زيدان، فوافقَ الرجلُ.

ورجع عليٌّ مع المرأةِ، وهي تبكي وتخبرُه عمَّا تعرَّضت له من ظُلمٍ، ثم قال لها: سنأتي الآنَ إلى بيتٍ، وهناك تستريحين به قليلاً حتى أُنهِيَ مهمَّتي.

فلمَّا اقتربت المرأةُ من البيتِ، صاحَت بصوتِها: هذا هو بيتي؟!

فاندهشَ عليٌّ وطرق البيتَ، وأدخلَ المرأةَ بسرعةٍ ثم نادى على نورةَ، فلمَّا خرجت إليهما، نظرت إلى المرأةِ فصرخَت بأعلى صوتِها: أمِّي!!

ثم أسرعت إليها، وصارت تبكي وتحتضنُها وتعانقُها، وتخبرُها كيف أنها قد اعتقدَت أنَّها قد ماتت، فأخبرت عليَّاً بأنها هي زوجةُ الشيخِ زيدان، وأنَّ نورةَ تكونُ ابنتَه، وقالت لهم بأنها اكتشفت أشياءَ غريبةً فيهِ، دفعتها للبحثِ وراءَه.. حتى اكتشفت أنه إنساناً يقودُ عِصابةً ويعملُ في السِّحرِ والشَّعوذةِ، فقرَّرتُ منذ ذلك الحينِ أن أهربَ، وأعيشَ مع ابنتي نورةَ في هذا البيتِ بعيداً عنه، ولكنَّه دبَّر لي حِيلةً وأرسلني في رحلةٍ للعلاجِ، وفي الطَّريقِ قام باختطافي، وحبسي مُدَّةَ عشرِ سنواتٍ في غرفةٍ ببيتِه.

حينها وقفَ عليٌّ وأخذَ سيفاً، ثم أوصى نورةَ بأن تعتنيَ بأمِّها، وخرج بعد ذلك ونادى على أهلِ القريةِ، وأخبرَهم بما حدثَ من أنَّ الشيخَ زيدان هو رجلٌ ظالمٌ يعملُ في السحرِ، ويقودُ عِصابةً ويأمرُهم بأوامرَ وعاداتٍ وتقاليدٍ ليس لها أيُّ نفعٍ، بل تضرُّهم!

وثارَ أهلُ القريةِ وغضِبوا على الشيخِ زيدان، فذهبوا مُسرِعين وهم يحملون سيوفَهم ويتقدَّمهم عليٌّ، حتى وصلوا إلى ذلك البيتِ البعيدِ، ففتح عليٌّ القُفلَ واقتحم البيتَ، وأمسكَ بالشيخِ ومَن كان معَه من أفرادِ العصابةِ، وعاقبَ أهلُ القريةِ الشيخَ زيدان عقاباً شديداً؛ جزاءً له على ظلمِه وأفعالِه وجرائمِه.

وبعدها رجعَ أهلُ القريةِ ومعهم عليٌّ، وهم يشكرونه على شجاعتِه، ثم عاد إلى بيتِ نورةَ وطلبَ من أمِّها الزواجَ، ففرِحت به ووافقت لهما، وباركت زواجَهما، وأُقيمَ في القريةِ حفلٌ كبيرٌ للكثيرِ من الشبابِ والفتياتِ الذين ظلُّوا سنواتٍ يرغبونَ في الزواجِ، وعَلِموا حينها أنَّ الطريقَ الوحيدَ للتغلُّبِ على الصِّعابِ والظُّلمِ، هو حبُّهم ووِحدتُهم.. وعاشوا بعدَ ذلكَ في سعادةٍ وفرحٍ وأيَّامٍ طيِّبةٍ.

انتهت الحكاية

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم